“بينما تُنفق الشركات العالمية مليارات الدولارات سنويًا على أدوات الذكاء الاصطناعي، تكشف دراسة حديثة من الدنمارك أن هذه التقنية لم تُغير شيئًا جوهريًا في إنتاجية الموظفين أو رواتبهم! فهل نحن أمام فقاعة تكنولوجية جديدة؟”
الواقع vs التوقعات: فجوة هائلة في تأثير الذكاء الاصطناعي
كشفت دراسة أجراها باحثان من جامعة شيكاغو وجامعة كوبنهاغن أن تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT على سوق العمل الحالي ضئيلٌ جدًا، رغم انتشارها الواسع. اعتمدت الدراسة على تحليل بيانات 25 ألف موظف في 7 آلاف شركة دنماركية، مع التركيز على 11 وظيفة يُعتقد أنها الأكثر تأثرًا بالتكنولوجيا، مثل البرمجة والتدريس.
النتيجة الأبرز؟ “تأثير صفري” على الرواتب وساعات العمل، حتى عند الموظفين الذين يستخدمون هذه الأدوات يوميًا! وفقًا للدراسة، فإن أي تحسن في الإنتاجية لا يتجاوز 1%، وهو رقم لا يُذكر مقارنة بتوقعات الخبراء السابقة. على سبيل المثال، توقعت شركة McKinsey في تقريرها لعام 2023 أن الذكاء الاصطناعي قد يرفع الإنتاجية العالمية بنسبة 1.5% سنويًا، لكن الواقع يقول إننا لم نصل حتى إلى نصف هذا الرقم!
لماذا فشلت التجربة الدنماركية في تحقيق النتائج المرجوة؟
رغم أن 83% من الموظفين استخدموا الذكاء الاصطناعي بعد تشجيع الشركات (نسبة تضاعفت مقارنة بـ 47% سابقًا)، إلا أن الفوائد الاقتصادية كانت شبه معدومة. يعزو الباحثان السبب إلى عاملين رئيسيين:
-
الادخار الزمني الضئيل: وفرت الأدوات للموظفين 2.8% من وقت العمل فقط، مقارنة بـ 15-50% في تجارب معملية سابقة.
-
عدم تحويل التوفير إلى أرباح: حتى الوقت المُوفر لم ينعكس على الرواتب، حيث حصل الموظفون على 3-7% فقط من قيمته كزيادات، وفقًا لتحليل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD).
التفاوت الكبير بين المختبر والواقع يرجع إلى طبيعة المهام المُختلفة. فبينما تتفوق الروبوتات في مهام مثل الرد على العملاء أو تصحيح الأكواد البرمجية، فإنها تواجه صعوبة في وظائف مثل التدريس أو الإدارة الإبداعية، والتي تشكل جزءًا كبيرًا من سوق العمل.
مفارقة مثيرة: الذكاء الاصطناعي يخلق مهامًا جديدة بدلًا من تقليلها!
في مفارقة غير متوقعة، أشارت الدراسة إلى أن 17% من المستخدمين واجهوا مهام جديدة ناتجة عن تبني الذكاء الاصطناعي، مثل تعديل الواجبات الدراسية لاكتشاف الغش أو تصميم إرشادات لاستخدام التكنولوجيا. بل إن 5% من غير المستخدمين تأثروا بهذه المهام الجديدة، خاصة في قطاع التعليم.
هذا يتوافق مع تقرير حديث لـPwC يشير إلى أن 40% من الشركات العالمية اضطرت لإعادة هيكلة وظائف موظفيها بسبب الذكاء الاصطناعي، لكن الغالبية لا تزال في مرحلة “التجربة والخطأ”. النتيجة؟ استهلاك الوقت في التكيف مع الأدوات بدلًا من الاستفادة منها!
استثمارات ضخمة دون عوائد: هل نحتاج إلى تغيير الاستراتيجية؟
رغم أن 78% من الشركات الدنماركية أنشأت روبوتات دردشة مخصصة، و30% منها دربت موظفيها، إلا أن غياب الدعم المؤسسي قلل الفعالية. دراسة لـGartner تضيف أن 65% من المشاريع التقنية تفشل بسبب سوء التكامل مع بيئة العمل، وهو ما يفسر فجوة الأداء.
لكن الأمل لا يزال موجودًا. الباحثون يؤكدون أن الذكاء الاصطناعي قد يُحدث تغييرًا حقيقيًا إذا ركزت الشركات على:
-
التدريب المتخصص: كما فعلت IBM التي رفعت إنتاجية موظفيها 20% عبر برامج تدريبية مكثفة، حسب تقريرها السنوي.
-
تطوير سياسات واضحة: لتحويل الوقت المُوفر إلى ابتكارات أو خدمات جديدة.